ضعف الاقبال على الانتخابات التشريعية يتصدر اهتمام الصحف التونسية
تونس العاصمة-تونس(بانا)- تطرقت الجرائد التونسية الصادرة هذا الأسبوع إلى عدد من المواضيع المتصلة بالشأن الوطني من أبرزها تسليط الضوء على نتائج الاقبال الضعيف على الاقتراع في الدور الثاني للإنتخابات التشريعية، والتراجع الجديد في الترقيم السيادي لتونس من قبل مؤسسة موديز، إضافة إلى توتر العلاقة بين السلطة التنفيذية وقيادة المركزية النقابية (الاتحاد العام التونسي للشغل).
وفي متابعتها مسارَ الانتخابات التشريعية في دورها الثاني، أجمعت جل الصحف، في افتتاحياتها، على أن ضعف الاقبال على صناديق الاقتراع يجب أن يكون درسا لجميع السياسيين لفهم تطلعات التونسيين والالتصاق بمشاغلهم التي أهملها أغلب الفاعلين السياسيين وسقطت من حساب الحكومات التي تداولت على السلطة منذ 14 يناير 2011 إلى اليوم.
وفي هذا الشأن، أقرت صحيفة (الشارع المغاربي) في تقييمها المشهدَ السياسي الحالي، بأنه أضحى عبارة عن مسرحيّة عبثية غصت بفرط التلوث الذي تنفثه أفواه أبرز شخوصها التي تتصارخ دون أن تصغي إلا لنعيقها، وقد احتدم صراع"النخب" بين الكل ضد الكل من أجل السطو على أي قدر من غنائم الحكم المتبقية، دون أدنى اعتبار لخطورة كارثة الافلاس الشامل التي تسير نحوها البلاد.
وتحدثت جريدة (الشروق) عن تعدد العوامل التي أسهمت في حالة العزوف المتواصل عن ممارسة الانتخاب، مشيرة إلى أن هذه العوامل تجتمع عند حالة الاحباط العامة التي تكرست لدى الناخب التونسي من أداء الطبقة السياسية حكما ومعارضة نتيجة الفشل في تغيير واقعه وتدهور كل المؤشرات.
ولاحظت جريدة (المغرب)، من جهتها، أن الرئيس قيس سعيد متمسك بمساره السياسي ولا يرى في ضعف نسبة المشاركة في الدورين الأول والثاني من الانتخابات التشريعية ما يستدعي تعديل المسار أو التراجع، بل إنه لمح إلى أن العزوف الواسع عن المشاركة هو أن البرلمانات السابقة نفّرت التونسيين وأفقدتهم ثقتهم في المؤسسة التشريعية.
أما جريدة (لو طون) Le Temps الناطقة بالفرنسية، فقالت، من ناحيتها: من المهم أن نذكر وأن نتذكر أن حركة 25 يوليو 2021 خلصت البلاد من أولئك الذين ركبوا موجة الثورة كمدخل للتمكن والمغانم في حين التقط الرئيس سعيد لحظة الوعي الشعبي لوقف حالة الانحدار.
أما جريدة (الصباح)، فقد توقعت أن أخطر ما سيواجهه البرلمان الجديد من تحديات هو تواصل هيمنة السلطة التنفيذية عليه أمام رئيس يتمتع بحصانة مطلقة في حين يمكن نزع الحصانة وسحب الوكالة من أي نائب، وفي أي وقت، كما أن الحكومة لم تعد مسؤولة أمام هذا البرلمان، ولا يمكن للبرلمان إقالة الحكومة أو حجب الثقة عنها.
وبرغم هذه الصورة غير المتفائلة التي رسمتها افتتاحيات عديدة، إلا أن جريدة (الصحافة) لاحظت أن ما يغلب على التركيبة الجديدة بالبرلمان هو عنصر الشباب الذي يدخل غمار المسؤولية السياسية لأول مرة،
وأضافت: مهما قيل عن نتائج الانتخابات أو نسب المشاركة وحتى عن نوعية النواب الصاعدين، فإن كثيرا من هؤلاء النواب يعتقدون أنهم يؤسسون لمرحلة جديدة وعهد جديد، لكن الأكيد أن المهمة لن تكون سهلة، فالآفاق لا تزال غامضة والمرحلة القادمة لم تتضح معالمها.
وتطرقت مقالات عديدة إلى تواصل الأزمة الاقتصادية التي تحط بثقلها على الحياة اليومية للمواطنين. وفي هذا المقام، أوضحت جريدة (الصباح) أن ترقيم مؤسسة"موديز"الأخير للوضع الاقتصادي بتونس يضاف إلى سلسلة ترقيمات سلبية أخرى أعلنتها وكالات الترقيم السيادي. وفي هذا السياق، شددت صحيفة (الشارع المغاربي) على ضرورة إعداد استراتيجية التفاوض مع الدائنين وإعداد خارطة طريق كاملة وشاملة لعملية التفاوض وخاصة مع صندوق النقد الدولي.
كما تابعت الصحف تصاعد حالة التوتر بين رئيس السلطة التنفيذية والمركزية النقابية التي غيرت قيادتها من موقفها المساند لمسار 25 يوليو إلى منتقد له، قبل أن تطلق مبادرة لتصحيح المسار لكنها لم تلقَ ترحيبا من أنصار الرئيس وحتى من عديد المراقبين الذين يرون أن دعوات الانقاذ لا تتماشى مع تكثيف الاضرابات وتعطيل جهاز الانتاج دون تقدير إكراهات المرحلة اقتصاديا واجتماعيا.
وفي هذا الخصوص، قالت جريدة (الشروق) لا يغيب عن المراقبين النزهاء أن العمل النقابي خرج عن حقله ومربعه المعتاد، وأصبح النقابيون يتدخلون بقوة في صلاحيات الادارة والسلطة التنفيذية كما لم يغب العنف النقابي عن عديد المؤسسات العمومية.
وفي نفس هذا التوجه، أكدت جريدة (الصباح)أن الاتحاد العام التونسي للشغل فقدَ مساحاته الواسعة للمناورة السياسية وفقدَ هامش التحرك الحر داخل الشأن العام، وهو ذات الاستنتاج الذي عبرت عنه جريدة (الصحافة) التي أوضحت أن الاتحاد يدرك في الواقع أنه لم يعد تلك القلعة العصية القادرة على توجيه الشارع وعلى تبديل الخيارات والسياسات بعد أن أضعف نفسه بنفسه في مؤتمره الأخير.
-0-بانا/ي ي/ع د/05 فبراير 2023