"حرية الصحافة نسبية في العموم ومقيدة في المطلق"، حسب صحيفة ليبية
طرابلس-ليبيا(بانا)- اعتبرت صحيفة "الصباح" الليبية أن التصنيفات التي تصدرها سنويا منظمة "مراسلون بلا حدود" لحرية الصحافة، رغم أهميتها، تبقى تصنيفات "مجحفة" ولا تعبر عن الواقع نظرا لوقوع معظم المنظمات والهيئات الدولية التي تشرف عليها تحت تأثير المصالح السياسية للدول الكبرى و"اللوبيات" النافذة ناهيك عن سياسة الكيل بمكيالين التي تنتهجها القوى العظمى وتفرضها على الأرض وساكنتها، مذكرة أن قوات الاحتلال الإسرائيلي اغتالت الصحفية الفلسطينية، شيرين أبو عاقلة، رغم أنها كانت ترتدي سترة الصحافة، ولا تزال الولايات المتحدة الأمريكية تعمل بقوة على طمس هذه القضية رغم أن الفقيدة تحمل الجنسية الأمريكية.
وفي هذا الشأن، أكدت صحيفة الصباح الصادرة في طرابلس، أن البلدان "الديمقراطية" والبلدان "الاستبدادية" لا تختلف في شيء حيث تلجأ كلها للقمع وحتى السحق لمواجهة تهديد السلطة الرابعة.
وأشارت الصحيفة الليبية إلى أن الذكرى الأولى لرحيل الصحفية في قناة "الجزيرة" القطرية، شيرين أبو عاقلة التي توفيت يوم 11 مايو الماضي بعد أن اغتالتها قوات الاحتلال الإسرائيلي أثناء توغلها واقتحامها مخيم جنين بالضفة الغربية المحتلة، رغم أنها كانت ترتدي سترة الصحافة، مؤكدة أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال تعمل بقوة على طمس هذه القضية رغم أن الفقيدة الراحلة تحمل الجنسية الأمريكية. ومن هنا كان يجب على "مراسلون بلا حدود" تصنيف الولايات المتحدة قريبا من ذيل القائمة على الأقل، حسب حرية الصحافة.
وأضافت "لم يتطرق البيت الأبيض ولا وزارة الخارجية الأمريكية ولا مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، في البيانات الرسمية الأمريكية، إلى مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة بمناسبة إحياء اليوم العالمي لحرية الصحافة يوم 3 مايو الجاري.
وأكد المقال أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، اكتفى بإثارة قضية صحفي محتجز في روسيا بتهمة التجسس وآخر مختفي في سوريا منذ 11 عاما والسبب يعود بطبيعة الحال إلى الحرص على عدم إزعاج الحليف الإستراتيجي، الكيان الإسرائيلي، المتورط في دم شيرين أبو عاقلة على الهواء مباشرة، ودماء آلاف الفلسطينيين التي يواصل سفكها كل يوم منذ أكثر من 70 عاما، والخوف من هيمنة اللوبي الصهيوني على مؤسسات صنع القرار الأمريكية ومن يد البطش والإرهاب للموساد الإسرائيلي.
وهكذا، فإن الصحيفة ترى أن حرية الصحافة مسألة نسبية وإن كانت الفجوة عميقة جدا وهائلة بين الأنظمة المصنفة "دكتاتورية وشمولية"، والأنظمة المصنفة "ديمقراطية"، إلا أن هذه وتلك تلتقي في نفس أساليب البطش والقمع وحتى القتل إذا أحست بخطر الكلمة.
ويستحضر المقال، في هذا السياق، الفيلم الهوليوودي (Kill the Messenger)، الذي تم إنتاجه عام 2014 ويحكي القصة الحقيقية للمراسل الصحفي الأمريكي غاري ويب الذي دمرت الحكومة الأمريكية حياته تماما بعدما كشف تورط وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في تسليح متمردي (الكونترا) في نيكاراغوا واستيراد الكوكايين إلى كاليفورنيا، في ثمانينيات القرن الماضي.
وأصبح ويب بسبب الوقائع التي نشرها في سلسلته المشهورة تحالف الظلام (Dark Alliance) عام 1996، هدفا لحملة تشويه كبيرة من قبل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية كانت لها تداعيات خطيرة على حياته الشخصية والعائلية، وتعرض الصحفي الأمريكي أيضا لأشكال متعددة من الترهيب والتهديد الذي طال أسرته ووصل إلى حد فقدانه وظيفته.
بيد أن الصادم والموجع في كل ذلك هو انقلاب أصحاب الجريدة التي يعمل فيها ويب عليه تحت الضغط، وتهميش التقارير التي نشرها في هذا الخصوص من قبل رؤساء تحرير كبريات الصحف الأمريكية وقتذاك بسبب الحسد الناجم عن الفوز عليهم بذلك السبق الصحفي من الوزن الثقيل.
وفي عام 2005، وُجد غاري ويب ميتا في شقته مصابا بطلق ناري في الرأس، ليتجدد الجدل حول ما إذا كان انتحر كما أكدت التقارير الرسمية الأمريكية أم قُتل.
وبالعودة إلى تصنيف "مراسلون بلا حدود" حول حرية الصحافة، لاحظت الصحيفة الليبية أن أكثر من 10 دول عربية بينها ليبيا تذيلت كالعادة مؤشر حرية الصحافة العالمي وأن ليبيا تراجعت في تصنيف العام 2023 عن العام الماضي بواقع ستة مراكز وحلت في المركز الـ149 عالميا.
وفيما يخص تصنيف منظمة "مراسلون بلا حدود" لليبيا، تعتقد الصحيفة أن الحكومة مدعوة إلى مواكبة المتغيرات المحلية والدولية، ليس في مجال التقنيات المتطورة فحسب وإنما من خلال تخفيف القبضة الحديدية لأجهزتها الأمنية وحتى السياسية على وسائل الإعلام وسن القوانين اللازمة لترقية المشهد الإعلامي الليبي وتطوير الكليات المختصة في مجالات الإعلام والصحافة والفنون.
وختمت "الصباح" بأن الحكومة الحالية، كسابقاتها وأي حكومة قادمة، لن تقبل إلا بـ "صحافة التمجيد" ما لم يقم الصحفيون الليبيون بتوحيد مواقفهم ورفض حالة الاستقطاب التي تعيشها البلاد اليوم ونبذها، والالتزام بأخلاقيات "صاحبة الجلالة"، ومضاعفة الجهود لدفع السلطة التشريعية لإصدار قانون جديد للصحافة والمشاركة في صياغته، والسعي الجدي لتأسيس النقابة العامة للصحفيين وبيت الصحافة الليبية وبناء النوادي الخاصة بالصحافيين الليبيين في ربوع ليبيا.
-0- بانا/ي ب/س ج/19 مايو 2023